مجلة جامعة الوادي

الامن السيبراني ومجتمع المعرفة

دكتور عبد الله رقيق

أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة الوادي 

 

 في مجتمع المعرفة تعتمد الكثير من الأنشطة والعمليات على التكنولوجيا الرقمية والاتصالات عبر الإنترنت، فازدادت الجرائم الإلكترونية نتيجة دخول مجتمعات الحداثة إلى عالم التقنية المفتوح الذي تدخل في كل خصوصيات الحياة ومجالاتها. فكان للأمن السيبراتي دوره الهام في حياتنا الاجتماعية.

وتتمثل مخاطر الأمن السيبراني في مجتمع المعرفة في تلك الاختراقات الإلكترونية، والتجسس، والاحتيال، وانتشار البرمجيات الهدامة، والهجمات الإلكترونية الأخرى ،ويمكن لهذه التهديدات أن تتسبب في سرقة المعلومات الشخصية والمالية وضرب النسيج الاجتماعي وقيم الخصوصية الثقافية، ومقومات الهوية الوطنيةً وموثوقية مؤسسات الدولة الفاعلة.

مع هذه التحديات الرقمية في مجتمعاتنا، فإن أهمية الأمن السيبراني تتزايد أيضًا وهو ما أمر به السيد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في تفعيل ربط الأمن السيبراني بالرقمنة قصد الحماية الكلية للنسيج الاجتماعي والاقتصادي الوطني والأمن القومي ، فإذا لم يتم التعامل بشكل فعال مع التهديدات السيبرانية، فقد يتعرض المجتمع لمخاطر ولتأثيرات في مجموع مقوماته.

 لذلك، يجب أن يتخذ المجتمع كوحدة بنائية ضمن مجموع مؤسسات الدولة إجراءات لتعزيز الأمان السيبراني من خلال التوعية الاجتماعية للأفراد بمخاطر الأمن السيبراني وتعزيز الممارسات الآمنة عند استخدام التكنولوجيا الرقمية. وينبغي توفير التدريب والتوعية للأفراد بشأن كيفية حماية أنفسهم وبياناتهم الشخصية ،وهنا يجب أن لا تقتصر الحماية على التقنية وانما ترافقها عملية تثقيف علمي في مجتمع المخاطر ضمن مؤسسات التنشئة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.

إن ما أمر به السيد رئيس الجمهورية  في إيلاء الأمن السيبراني أهمية قصوى وربطه باارقمنة كمشروع هام لاستعداد الجزائر لمخاطر ما بعد الحداثة .وما عمل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وتعليمات السيد الوزير الاستاذ كمال بداري في تفعيل مشروع الرقمنة وإحداث نقلة نوعية ومميزة في إطار استخدام الرقمنة في جوانب الحياة الجامعية بمختلف مجالاتها البحثية والبيداغوجية والإدارية والاقامية إلا دليل ذاك الاستعداد الكلي لمؤسسات دولتنا.

إن ما تقوم به جامعة الشهيد حمه لخضر بالوادي والسيد مدير الجامعة الأستاذ عمر فرحاتي من قيادة فريق تقني بحثي وتثقيفي لترسيم ما أمر به السيد رئيس الجمهورية وتعليمات الوزارة ليكون لدار الذكاء الاصطناعي بجامعة الوادي تميزها ولحاضنة الأعمال الجامعة دورها وللمخابر مساهمتهم الفاعلة بملتقيات وأيام دراسية تكوينية لطلبة الدكتوراه وبشراكة مؤسسة دولتنا الأمنية والتقنية والمجتمعية.

 وما الملتقى الوطني للأمن السيبراني ورهانات الأمن الشامل في الجزائر المقام يومي 14/13 ماي 2024 من قبل كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية ومخبر التنمية الاجتماعية وخدمة المجتمع بجامعة الوادي إلا دليل تلك الفاعلية في مجالات التثقيف المجتمعي لمخاطر الجرائم الإلكترونية والسيبرانية التي توجه مجتمعنا ومؤسسات الدولة الجزائرية من طفيليات خارجية يعانون إشكالية قيمهم الصغرى التي تغار وتحقد على من يملك المجد والشموخ جيلا وعصرا وأمة .

إن جهود الدولة الجزائرية في مواجهة التهديدات الامنية السيبرانية وتفعيل مكونات المجتمع المدني لغرس ثقافة الامن السيبراني يساهم في التصدي وتذليل تلك المعوقات والتحديات المختلفة ومنه المساهمة في الاستراتيجية الوطنية في بعدها الأمني الشامل للوقاية من الجرائم الالكترونية ومواكبة مجتمع الرقمنة وتفعيل حماية متكاملة بتعاون كلي تقني وبحثي وتثقيفي من تلك المخاطر وتحقيق الأمن السيبراني الذي هو معركة ما بعد الحداثة.